الاثنين، 6 أبريل 2020

كورونا يتسبب في وقف مسؤول حوثي عن العمل

فاطمة الأغبري:

أصدر ضيف الله الشامي، وزير الإعلام التابع في جماعة الحوثيين بصنعاء، قراراً بإيقاف نائب رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية “سبأ”، نائب رئيس التحرير، محمد عبدالقدوس، عن العمل.
وجاء في القرار: “يوقف محمد عبدالقدوس عن العمل حتى إشعار آخر، وذلك بسبب قيامه بنشر معلومات غير صحيحة في وسائل التواصل الاجتماعي، وبالمخالفة لمسؤولياته الإعلامية”.
ويأتي هذا القرار بعد قيام عبدالقدوس بنشر تغريدة على حسابه الشخصي على “تويتر”، قال فيها: “يؤسفنا أن نعلن خبر تسجيل أول حالة كورونا في اليمن”، وهو ما تسبب في حالة هلع في الأوساط اليمنية التي اعتبرته تصريحاً من مصدر مسؤول، الأمر الذي أدى إلى تداوله في عدد من وسائل التواصل الاجتماعي، وعدد من المواقع الإخبارية ووكالات الأنباء.
وبعد مُرور 28 دقيقة على نشر التغريدة، تراجع عبدالقدوس، ونشر خبراً ينفي ما ذكره سابقاً، قائلاً إن مندوبهم في الصحة أخبره بأن الحالة اشتباه لمعتمرة قادمة من السعودية.

حالة “عالية الاشتباه”

ولتأكيد نفي وجود إصابة أولى بكورونا في اليمن، سارعت وزارة الصحة التابعة للحوثيين، إلى عقد مؤتمر صحفي، قال فيه المتحدث باسم اللجنة المعنية لمواجهة الجائحة، عبدالحكيم الكحلاني، إن الفحوصات المخبرية التي أجريت للحالة هي “عالية الاشتباه” بأعراض فيروس كورونا، مضيفاً أن وزير الصحة وجه بوضعها تحت الرعاية الطبية، وعزل كافة المخالطين لها.
وبحسب الكحلاني، فإن الحالة هي لسيدة في الـ37 من عمرها، عائدة من السعودية، تعاني من أعراض المرض.
من جهته، قال الدكتور محمد البعداني، الذي يعيش في إيطاليا، لـ”المشاهد” إن هناك نسبة تتجاوز 30% تظهر نتائج الفحص لها سلبية، بينما هم مصابون، ويجب إعادة الفحوصات لهم.
وأضاف البعداني: “كان يجب على سلطات صنعاء البحث عن كافة المخالطين للحالة التي تم الإعلان عنها، ووضعهم جميعاً في الحجر الصحي، حتى يتم التأكد من عدم حملهم للفيروس”.
وذكر أن هناك إهمالاً متعمداً من قبل الحوثيين، للذين وصلوا لليمن، سواء معتمرين أو مسافرين، إذ إن البعض يدفع رشاوى ويدخل دون أن يتم حجره، إضافة إلى أن الحجر الذي قاموا بتجهيزه، يمكن أن يكن أيضاً مصدراً لنقل الفيروس من الأشخاص المصابين إلى السليمين.
وقال الدكتورعبدالباسط الظراسي: “طالما قد مرت 3 أسابيع لانتشار الفيروس، ولم تعلن عن حالات مؤكدة، فهذا يعني مرور المسافرين بتدابير احترازية أثناء الدخول”.

مطالب بالتبرعات لمواجهة الوباء

وعلى الصعيد نفسه، أعلن البنك المركزي اليمني الذي تسيطر عليه جماعة الحوثي، في صنعاء، عن فتح حساب خاص بالتبرعات لمواجهة وباء كورونا، مشيراً في بيان له، إلى أنه سيتم استقبال التبرعات على الحساب الموحد الخاص بمواجهة كورونا في البنك المركزي وفروعه و”كاك بنك” وفروعه.
ولاتزال الإجراءات الاحترازية التي دعت وزارة الصحة بصنعاء إلى العمل بها، مستمرة، إذ تم خلال الأيام الماضية، إغلاق عدد من المطاعم، ونقل أسواق القات إلى أماكن مفتوحة، فيما يجهز فندق موفنبيك كمحجر صحي في حال وجود مشتبهين بالإصابة بكورونا.

مغادرة 110 أشخاص الحجر الصحي

وبحسب وكالة الأنباء “سبأ” التابعة للحوثيين، فإنه تم الإعلان عن مغادرة 110 أشخاص، مركز الحجر الصحي في مديريتي باقم وقطابر بمحافظة صعدة، هم الدفعة الثالثة من الوافدين عبر المعابر الحدودية، حد قولهم.

حظر تجوال في حضرموت

ومن جهة أخرى، بدأ حظر التجول، أمس، في مديريات الوداي والصحراء بمحافظة حضرموت، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية من تفشي وباء كورونا.
وقد بادرت الأجهزة الأمنية، وعبر مكبرات الصوت، بحث المواطنين على عدم الخروج من المنازل ابتداء من الساعة الرابعة عصراً وحتى الساعة الرابعة فجراً، بحسب توجيهات محافظ حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية، اللواء فرج البحسني، ووكيل الوادي عصام الكثيري.
وعلى الصعيد نفسه، أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد، عن استمرار تعليق الرحلات في كافة المطارات، ولمدة أسبوعين إضافيين، ابتداء من بداية شهر أبريل الحالي.

التضييق على الحريات الشخصية… سياسة حوثية لتبرير قمع اليمنيين

فاطمة الأغبري:

لم تتوقف الحرب عند اليمنيين في القتل والتهجير من المنازل او الموت جوعاً في العراء، بل اتسعت لتشمل استهداف المواطن بشكل مباشر من قبل سلطة الأمر الواقع في صنعاء، التي تعمل جاهدة على محاربة تواجده في بعض الأماكن كالكافيهات والمطاعم التي يلجأ لها البعض هروباً من ضغوط الحياة والواقع المرير الذي فُرض عليهم جراء الحرب التي كانت سبباً في انقطاع المرتبات وخسران الوظائف الحكومية.
الحرب التي تشنها هذه السلطة ضد أصحاب المشاريع، من خلال إغلاقها، تسببت في حرمان أصحابها والعاملين فيها من مصدر دخلهم الوحيد، وتوسيع دائرة الفقر الذي بات المتحكم الرئيس في بلدا تطحنه الحرب منذ 5 سنوات.

استمرار إغلاق الكافيهات

وارتفعت المضايقات مؤخراً، من قبل جماعة الحوثي، في أماكن التجمعات العامة، بدعاوى الاختلاط، كما حدث في كافيهات بمنطقة حدة بالعاصمة صنعاء.
وذكرت مالكة كافيه “أوفيليا”، شيماء محمد، في صفحتها على “فيسبوك”، أن مجموعة مسلحة في صنعاء طلبت منهم إخلاء المكان دون سابق إنذار أو ورق رسمي أو أي مسوغ قانوني. وقالت إن أحدهم طلب منها إخراج النساء، ما لم سيدخل إليهن. وعندما أخبرته أنهن يقمن بجمع أشيائهن، قال بلهجته العامية: “يجلسين في بيوتهن، ليش يخرجين!”.
وبعد مشاورات تم السماح لهن بإعادة فتح الكافيه، لكن بعد أيام من السماح تفاجأت شيماء أنهم أبلغوا شقيقتها بأنهم سينزلون شرطة نسائية إلى الكافيه، حتى يتم إخلاؤه بأمر من مدير المديرية. وعندما وصلوا طلبت منهم الأمر، ولكن اتضح أنه لا يوجد أمر.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل وصل بهم الحد إلى تهديدها بالقتل بعد أن حاول أحدهم أخذ موبايلها بالقوة، وتدخل شقيقها في ذلك لمنعه، وفق منشور شيماء في صفحتها على “فيسبوك”.
إغلاق “أوفيليا” المخصص للنساء، أعقبه إغلاق كافيه “كوفي كورنر”، وفق بيان صادر عن إدارته.
وذكر البيان أنه تمت مداهمة الكافيه، والتعامل غير اللائق مع رواده من قبل موظفي المديرية الذين قاموا بإغلاق المكان، والكتابة على أبوابه الزجاجية.
واعتبرت إدارة الكافيه أن هذا التصرف غير القانوني يعد سابقة غير معهودة في طبيعة عمل المديريات واختصاصاتها. وناشدت سلطة الأمر الواقع في صنعاء، ضبط هذه التصرفات غير الأخلاقية واللاقانونية، وطالبت بإنصافهم من هذا السلوك التعسفي والمتكرر من قبل بعض الموظفين في المديريات، الذين يسيئون حد قولهم للجهات الحكومية، ولا يراعون المصلحة العامة.

“جنة اليمنيين منازلهم”

وعلى الوتيرة نفسها، أغلقت وزارة السياحة مقهى “second cup café”، وحرمت عدداً من رواده من قضاء أوقات فراغهم فيه.
وقال ضياء الحاج، أحد رواد المقهى، على صفحته في “فيسبوك”: “جنة اليمنيين منازلهم. أصبحت هذه الجملة هي الوصف الحقيقي للحالة التي نعيشها حالياً، أخرج لكي أستنشق الهواء وأغير جو، فنتفاجأ أن أغلب الأماكن التي كنت أحب زيارتها مغلقة بالشمع الأحمر، ولأسباب غير معروفة”.
ويعد هذا السلوك الذي يتنافى مع الحريات الشخصية التي كفلها القانون والدستور في مناطق سيطرة الحوثيين، واحداً من عدة سلوكيات تمارسها الجماعة تحت مبرر وقوع مخالفات مخلة بالآداب ومنافية لتعاليم الدين الإسلامي، حد قولهم.
هذه المقدمات تندرج في إطار منع اختلاط الرجال والنساء في الجامعات والمعاهد العلمية. وتطور الأمر إلى إحراق أحزمة العبايات التي ترتديها النساء، ومنع أصحاب محلات الحلاقة من ممارسة عملهم من خلال قصات الشعر للشباب، كونه تقليداً للغرب.

تحريض ضد الحريات الشخصية

لغة التحريض تلك انطلقت من منابر المساجد التي سيطرت عليها الجماعة في مناطق سيطرتها، إلى جانب الوسائل الإعلامية التابعة لهم.
وتضمنت هذه اللغة التحريضية مواضيع أخرى عن عمل المرأة في المنظمات الدولية، والاختلاط في الجامعات والمطاعم، واستخدام الإنترنت.
واعتبرت إحدى طالبات جامعة صنعاء (طلبت عدم ذكر اسمها) في حديثها لـ” المشاهد” أن ما تقوم به جماعة الحوثي في الجامعات اليمنية، تشويه للدين الإسلامي.
وقالت: “نحن كطلاب في الجامعات، نغضب من أشياء لا نريدها، ومع ذلك نقدم جميع التنازلات من أجل أن نتعلم بسلام، ونتجنب الدخول معهم في احتكاكات تعيق طريق مستقبلنا، كما نجبر على الصمت والخضوع، لأنها جماعه لا ترحم من يقف في طريقها”.
وأضافت: “أُجبرنا على الالتزام بالقوانين التي يصدرها ملتقى الطالب الجامعي، الذي يسيطر على أمن الجامعة، ويقوم بإصدار القرارات الخاصة بالطلاب، كما امتنعنا من الاختلاط مع زملائنا الذين نناقش معهم أشياء خاصة بالدراسة، وأُجبرنا على الصمت على ما يقومون به من انتهاكات في حقنا”.

تضييق في الأعراس

وفي مديرية كحلان عفار بمحافظة حجة (شمال غربي اليمن)، وصل الأمر ببعض المحسوبين على جماعة الحوثي، إلى تقديم شكوى لدى الجهات المعنية باستقدام أصحاب الأعراس للعازفين والمغنين، معتبرين ذلك يتنافى مع حرمات البيوت والأعراض والدماء والشهداء والأسرى، حد قولهم.
ويعد ذلك تضييقاً آخر وتحريضاً على المواطنين الذين يستقدمون العازفين والمغنين، وفقاً لعادات وتقاليد الشعب اليمني في الأعراس والمناسبات الخاصة.
ويرى أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، الدكتور عادل الشرجبي في حديثه لـ” المشاهد” ، أن جماعات الإسلام السياسي تنظر إلى الصراع باعتباره صراعاً بين هويات، وليس صراعاً بين مصالح سياسية واجتماعية واقتصادية، وتأكيداً لذلك تلجأ كل جماعة من جماعات الإسلام السياسي، لاسيما في حال قوتها، إلى فرض توجهات وممارسات سلوكية متزمتة، لتؤكد للمواطنين في المناطق القبلية، التي تشكل قاعدتها الاجتماعية ومخزونها البشري، أنها الأكثر تمسكاً بقيم الإسلام الأصولي الصحيح، وعادات وتقاليد المجتمع القبلي التقليدي في اليمن، لذلك لاحظنا خلال الفترة الماضية أن الحوثيين ألزموا الحلاقين بعدم تنفيذ قصات شعر للشباب قالوا إنها تخالف عادات وتقاليد المجتمع اليمني، وفرضوا على خياطي العباءات النسائية عدم إضافة أحزمة لها، وأحرقوا ما هو متوفر منها في محلات الخياطة، وألزموا شركات النقل البري بعدم بيع تذاكر السفر للنساء اللاتي لا يرافقهن “محارم”، وأغلقوا بعض الكافيهات والمطاعم بدعوى أنها أماكن للاختلاط.
وأكد الشرجبي أن جماعات الإسلام السياسي في اليمن، تخلط، عن قصد، بين تعاليم الدين الإسلامي الحنيف والعظيم، وقيم وثقافة القبيلة، بهدف مقاومة التحديث، وهو أمر لم نشهد مثله من قبل جماعات الإسلام السياسي الشيعية والسنية في المجتمعات غير القبلية (إيران، لبنان، مصر، وتونس) على سبيل المثال. هذه الثقافة القبلية أفرزت تشابهاً بين الحوثيين والإخوان المسلمين والسلفيين الوهابيين، حد قوله.

انقسام داخلي

ويبدو أن حالة التضييق التي تقوم بها الجماعة بحق المواطنين، وحملات إغلاق الأماكن العامة، ما هي إلا انعكاس للوضع الداخلي وحالة الانقسام الذي يشهده الحوثيون، حيث نجد في الداخل صراعاً واضحاً بين الجناح العقائدي (المتزمت) الذي يطالب بإغلاق الكافيهات والأماكن العامة والمعاهد، ومنع الاختلاط في عدة أماكن، تحت حجة الحفاظ -حد قولهم- على “الهوية الإيمانية” التي أصبحوا يتغنون بها ويحاربون الناس تحت ظلالها، وبين الجناح المعتدل الذي يحاول أن يقف ضد تلك الممارسات، في محاولة منهم لإظهار الجماعة بصورة معتدلة بعيدة كل البعد عن التعصب الذي كانوا ينتقدونه في الجماعات الإسلامية الأخرى.
وقالت الإعلامية عبير بدر: “على جماعة الحوثي التركيز على تعزيز قيم احترام المرأة واحترام الآخر بشكل عام، لا أن تعامل المواطنين كأنهم ناقصو أهلية، وبحاجة لمن يراقبهم ويفرض عليهم ماذا يفعلون، وماذا لا يفعلون”.